فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: ارتدى الأسرى المحررون المقطوعة رواتبهم من السلطة الفلسطينية أكفانهم، عصر اليوم الأربعاء، في ظل دخولهم اليوم الثاني في الإضراب عن الماء، واليوم التاسع عشر في الإضراب عن الطعام، للمطالبة بحقوقهم.
وأعلن المعتصمون عن وصيتهم خلال مؤتمر صحفي على دوار الساعة وسط مدينة رام الله المحتلة، وقال الناطق باسمهم علاء الريماوي "وصيتنا لكم أن تدفنونا هنا في هذا المكان، وألا يصلي علينا منافق ولا كاذب ولا متخاذل ولا مسؤول ولا خائف ولا أي شخص رضي أن يكون تحت الظلم ولم ينطق".
بداية الحكاية
قطعت السلطة الفلسطينة رواتب ما يزيد عن 120 فلسطينيًا من الأسرى والمحررين عام 2007، وأعادت فيما بعد رواتب جزء منهم، فيما أبقت على قطع رواتب العشرات داخل وخارج سجون الاحتلال.
ونتيجةً لقطع الرواتب، احتج عشرات الأسرى المحررين مطالبين بعودة حقوقهم أسوةً بغيرهم من الأسرى الفلسطينيين، وخاضوا إضرابًا مفتوحًا عن الطعام العام الماضي للمطالبة بها، وبعد 19 يومًا من الإضراب تلقى المعتصمون وعدًا من رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج بحل المشكلة، وعليه فك الأسرى إضرابهم واعتصامهم.
العودة للميدان
ورغم الوعود بحل القضية إلا أنّ السلطة الفلسطينية لم تصرف رواتبهم، وبدروهم عاد المحررون للاعتصام منذ أكثر من شهر للمطالبة بحقوقهم، واتخذوا من دوار الساعة في مدينة رام الله مكانًا لاعتصامهم مع عوائلهم والمتضامنين.
ومع فجر أمس الثلاثاء، قال المعتصمون إنّ قوة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية دهمت عند الساعة الثانية والنصف فجرًا الخيام التي يبيت بها الأسرى المحررون، وأضافوا أن عناصر الأجهزة هدموا الخيام وصادروا ما بها من حاجياتهم ومعدّاتهم، واعتقلوا بعضًا منهم، لكن تم الإفراج عنهم فيما بعد.
وقال المحررون في بيان "نحمل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية جريمة فض الخيام والاعتداء علينا بوصفه وزير الداخلية ورئيس الوزراء، ويصف الأسرى المحررون ما جرى بالبلطجة تقودها الحكومة الفلسطينية".
وبعد تدخل الأجهزة الأمنية، أعلن المحررون مواصلة اعتصامهم والشروع بإضرابٍ مفتوحٍ عن شرب المياه إلى جانب إضرابهم عن الطعام، وفيما بعد زار رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية المعتصمين في مكان اعتصامهم، ودعا وفدًا منهم للاجتماع في مكتبه لبحث مطالبهم وتفاصيل الأزمة.
وقال الأسير المحرر سفيان جمجوم خلال حديثٍ مع قدس الإخبارية إنّ رئيس الوزراء محمد اشتية اعتذر عن فض الاعتصام والاعتداء على الأسرى، مؤكدًا أن ما جرى معيب ولم يكن يعلم به.
وبعد اجتماعهم مع اشتية أكد المحررون أن الاجتماع لم يحمل حلًا لقضيتهم بالرغم من الأجواء الإيجابية التي سادته ووعود اشتية بنقل رسالتهم، حيث أبلغهم بأن الحل بحاجة لقرار من الرئيس عباس أو ماجد فرج.
التضامن مع الأسرى
ومن جهته، قال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، إنّ "ما فهمته هو أن الموضوع ليس فك خيمة الاعتصام، ولكن جرى نقلها لمكان آخر، لأن البلدية تريد وضع شجرة عيد الميلاد مكانها".
فيما قال المعتصمون إنّه في حال أراد "أهلنا وأخواننا المسيحيين الاحتفال هنا سنحتفل معهم وإذا أرادوا منصة هنا سنساعدهم في إقامتها، وإذا أرادوا كلمة في الاحتفال نقولها".
وأكد المعتصمون أنه في حال كان وجودهم عبء على المحتفلين فهم تحت إشارتهم، وفوضوا الأب مانويل مسلم ليقرر إن كان يريد بقاؤهم من عدمه، لكنهم أكدوا بأنّ الأجهزة الأمنية في حال قمعتهم فسيعودون ويواصلون الإضراب حتى لو اضطروا لأن ينتهي الحال بهم كشهداء.
وبدوره، بعث الأب مسلم برسالة واضحة لدعم الأسرى المحررين المعتصمين وقال "أيها الأسرى الأبطال الصاعدون إلى الموت بإضرابكم الاسطوري عن الطعام والماء طلبا لحقوقكم المهدورة وكرامتكم وإنسانيتكم. حول كل شجرة ميلاد اعتصموا".
وأضاف "نور شجرة الميلاد وآلام الاسرى المضربين عن الماء والطعام ارسلت اليكم ايها الفلسطينيون شرارة تشعلون بها نيران شجاعتكم وتقولوا للاحتلال وللعالم وللسلطة: لا. لا. لا للاستمرار تحت العبودية فبين العبودية والموت لا خيار لنا".
وختم الأب مسلم رسالته بالقول "فلنبدأ يا شعبي مسيرتنا التحررية من شجرة الميلاد وعذابات الاسرى حولها. الله اكبر على من طغا وتجبّر على الاسرى. وتحية لكم من شعبكم المسيحي يا عمالقة الثورة التحررية أسرانا البواسل".
كما أكد رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس المطران عطا الله حنا، إنه ليس من العدل تجاهل هذه القضية الوطنية والإنسانية بامتياز، فالأسرى المحررون مناضلون أفنوا حياتهم داخل المعتقلات دفاعًا عن قضية شعبهم، ولا يجوز تجاهل مطالبهم العادلة بل يجب احترامهم وتقديم كل ما يلزم لهم.
ووجه المطران نداء إلى الرئاسة الفلسطينية ومنظمة التحرير ولرئاسة الحكومة بضرورة تصويب هذا الخطأ واتخاذ مبادرة سريعة وعاجلة بإعادة الرواتب لهؤلاء الأسرى الذين لا يجوز أن يظلموا بهذه الطريقة.
نقابة المحامين تنتصر للأسرى
بدورها، أعلنت نقابة المحامين الفلسطينيين، اليوم الأربعاء، تعليق العمل في كافة المحاكم والنيابات العامة يوم غد الخميس من الساعة 11 وحتى نهاية الدوام تضامنًا مع الأسرى المقطوعة رواتبهم.
وقالت النقابة في بيانٍ لها، إنّه "في ظل استمرار التعنت الرسمي في عدم التعاطي مع مطالب الاسرى المحررين بإعادة صرف رواتبهم المقطوعة خلافا للقانون، وامام الحالة الصحية المتردية والخطيرة والتي يمكن ان تهدد حياتهم وسلامتهم الجسدية فإننا في نقابة المحامين الفلسطينيين نعلن تضامننا الكامل مع مطالب الاسرى المضربين عن الطعام".
ودعت النقابة السلطة الوطنية إلى الاستجابة الفورية وإعادة صرف مستحقاتهم القانونية وأن يتم ابعاد قضايا الاسرى عن أي انقسامات سياسية باعتبار الأسرى بأنهم يمثلون حالة الإجماع الوطني في جميع مراحل الكفاح التحرري الفلسطيني.